الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} كلام مستأنف لبيان حقيقة راهنة عن البعث واتفاق جميع الرسل عليه و{قبلهم} ظرف متعلق بكذبت و{قوم نوح} فاعل وما بعده عطف عليه.{وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ} عطف على ما تقدم أيضا.{وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ} عطف أيضا وقد مرّت جميعا.{كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} {كل} مبتدأ والتنوين فيه عوض عن كلمة أي كل رسول من المذكورين وجملة {كذب الرسل} خبره والفاء عاطفة وحق فعل ماض و{وعيد} فاعل مضاف لياء المتكلم وأصله وعيدي فحذفت الياء وبقيت الكسرة دليلا عليها.{أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} الهمزة للاستفهام أي لم نع به فلا نعيا بإعادته والفاء عاطفة على محذوف تقديره أقصدنا الخلق فعجزنا عنه حتى يتوهم أحد عجزنا عن إعادته وعيينا فعل وفاعل و{بالخلق} متعلقان بعيينا فالأول صفة للخلق و{بل} عطف على مقدّر مستأنف مسوق لبيان شبهتهم وفضح سفسطتهم والتقدير هم غير منكرين لقدرتنا بل هم في خلط وشبهة، و{هم} مبتدأ و{في لبس} خبر و{من خلق} نعت للبس و{جديد} نعت لخلق.
أي لا أكون في عيشة واسعة والحال أن الموت أقرب إليّ من الوريد، والوريدان عرقان في مقدّم صفحتي العنق سمّيا بذلك لأنهما يردان من الرأس أو لأن الروح تردهما وقد تقدم بحث وجه إضافة الحبل إلى الوريد.{عَتِيدٌ} حاضر، وفي المصباح: عتد الشيء بالضم عتادا بالفتح حضر فهو عتد بفتحتين وعتيد أيضا ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال أعتده صاحبه وعتده إذا أعدّه وهيأه، وفي التنزيل: وأعتدت لهنّ متكأ.
وقول الآخر: خاطب الواحد خطاب الاثنين وإنما فعلت العرب ذلك لأن الرجل يكون أدنى أعوانه اثنين: راعي إبله وراعي غنمه، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة فجرى خطاب الاثنين على الواحد لمرور ألسنتهم عليه ويجوز أن يكون المراد به ألق ألق وقف قف فإلحاق الألف أمارة دالّة على أن المراد تكرير اللفظ كما قال أبو عثمان المازني في قوله تعالى: {رب ارجعون}، والمراد منه أرجعني أرجعني أرجعني فجعلت الواو علما مشعرا بأن المعنى تكرير اللفظ مرارا وقيل أراد ألقين وأراد امرؤ القيس فقن على جهة التأكيد فقلب النون ألفا في حال الوصل لأن هذه النون تقلب أيضا في حال الوقف فحمل الوصل على الوقف، ألا ترى أنك لو وقفت على قوله تعالى: {لنسفعن} قلت: لنسفعا ومنه قول الأعشى: أراد فاحمدن فقلب نون التوكيد ألفا. و{في جهنم} متعلقان بألقيا و{كلّ كفّار} مفعول به و{عنيد صفة} لكفّار.{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ} صفات متتابعة.{الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ} {الذي} يجوز أن يكون بدلا من {كل} فيكون في محل نصب أو بدلا من {كفّار} فيكون في محل جر وأن يكون منصوبا على الذم وأن يكون مبتدأ فيكون في محل رفع وجملة {جعل} صلة و{مع اللّه} ظرف متعلق بمحذوف مفعول به ثان و{إلها آخر} مفعول به أول والفاء رابطة لشبه الموصول بالشرط في العموم، وألقياه فعل أمر وفاعل ومفعول به والجملة خبر {الذي} إذا جعلت خبرا والأول أرجح و{في العذاب} متعلقان بألقياه و{الشديد} نعت للعذاب.{قال قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} {قال قرينه} فعل وفاعل و{ربنا} منادى مضاف و{ما} نافية و{أطغيته} فعل وفاعل ومفعول به {ولكن} حرف استدراك مهمل لأنه خفّف و{كان} فعل ماض ناقص واسمها مستتر تقديره هو و{في ضلال} متعلقان بمحذوف خبر كان و{بعيد} صفة لضلال وجملة {قال قرينه} مستأنفة ولذلك جاءت بلا واو، قال الزمخشري: فإن قلت لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت على الأولى قلت لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما رأيت في حكاية المقاولة بين موسى وفرعون فإن قلت: فأين التقاول هاهنا؟قلت: لما قال قرينه {هذا ما لديّ عتيد}، وتبعه قوله: قال: {ربنا ما أطغيته} وتلاه: {لا تختصموا لديّ} علم أن ثم مقاولة من الكافر لكنها طرحت لما يدل عليها كأنه قال رب هو أطغاني فقال قرينه ربنا ما أطغيته، وأما الجملة الأولى فواجب عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول قرينه ما قال له.{قال لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} {لا} ناهية و{تختصموا} فعل مضارع مجزوم والجملة مقول القول و{لدي} ظرف متعلق بتختصموا والواو للحال و{قد} حرف تحقيق و{قدمت} فعل وفاعل و{إليكم} متعلقان بقدمت والباء في بالوعيد مزيدة مثلها في {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} أو معدية، على أن قدم مطاوع بمعنى تقدم ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله: {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلّام للعبيد} ويكون {بالوعيد} حالا أي قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به أو قدمته إليكم موعدا لكم به.{ما يُبَدَّلُ الْقول لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} {ما} نافية و{يبدل} فعل مضارع مبني للمجهول و{القول} نائب فاعل و{لدي} ظرف متعلق بيبدل والواو حرف عطف و{ما} نافية حجازية و{أنا} اسمها والباء حرف جر زائد و{ظلّام} مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر {ما} و{للعبيد} متعلقان بظلّام.{يَوْمَ نَقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} {يوم} لك في ناصبه وجهان: أن تجعله منصوبا باذكر مقدّرا أو تعلقه بظلام لأنه إذا لم يظلم في هذا اليوم فنفى الظلم عنه في غيره أولى وجملة {نقول لجهنم} في محل جر بإضافة الظرف إليه وجملة {هل امتلأت} مقول القول {وتقول} عطف على {نقول} و{هل} حرف استفهام و{من} حرف جر زائد و{مزيد} مجرور لفظا مرفوع على الابتداء محلا وخبره محذوف تقديره موجود.
|